وداعًا يا مَصيَفي
بنِيَت منحوتات هيلا لَفيف وشير لوسكي وياعيل إفراتي خصيصًا لمعرض "وداعًا يا مصيفي". تتناول هذه الأعمال، المستوحاة من مصادر فوتوغرافية وتنبع من وعي تصويري، ذاكرة طفولة متعلقة ببيوت أجداد وجدات الفنانات. تنبع التفسيرات الجديدة من تناول الفجوة بين ذكريات الطفولة، التي غالبًا ما تكون ضبابية ومتغيرة، وبين تثبيتها في لحظة تصويرية واحدة. ترتبط هذه الذكريات الشخصية بمجموعة واسعة من السياقات التاريخية والثقافية.
تعرض هيلا لَفيف (مواليد رمات غان، 1975) مجموعة كولاجات مصورة، تستند إلى ألبوم وداع من مصيف جدتها، نوني فيربورغ، الواقع في منطقة كاستبيرج في هامبورغ. في عمل الستوب موشن "ورقة ومقص"، نسمع صوت امرأة يوجه المشاهدين، بينما تقَّص صفحات الألبوم في الخلفية وفقًا لمقاطع كلامها. قطعة ورقية معلقة معروضة عليها قصاصة لصورة كرسي أبيض هزاز كانت موجودة في المصيف. ولدت جدة لفيف لعائلة فيربورغ الألمانية وعائلة يوزيفسون السويدية. كانت آنا فيربورغ، والدة نوني، مربية رائدة، تتلمذت على يد فريديريك فروبل، أب رياض الأطفال الحديثة. كان آفي فيربورغ، خال نوني، باحث فنون مشهور. ترتيب ألبوم الصور العائلي المميز وفقًا للموضوعات: مناظر طبيعية، طرق، ديكورات داخلية، صندوق الرمل، وما إلى ذلك - يشبه طريقة الفرز والفهرسة التي اعتمدها آفي فيربورغ في أعماله.
عن اطلاعها على الألبوم وإرث العائلة لأول مرة تكتب الفنانة: "اعتادت جدتي قص الكتب والصور الفوتوغرافية لتحضير كتب جديدة منها تجمع بين الذكريات والخيال كانت تقدمها لنا في أعياد ميلادنا. سبق وتصفحت كتابًا بلغة غريبة وفجأة وجدت فيه ثقبًا بدلاً من صورة. أحببت الثقوب. كانت هذه تجربة سحرية. كان الألبوم مفككًا عندما حصلت عليه وكانت بعض الصور مفقودة منه. يحتوي الألبوم على أشواق وتساؤلات عن الهوية والوطن والبيوت المفقودة. تحاول عملية القص، التي تحمل طابعًا طقسيًا، التحري عن شيء ما بمساعدة التفكيك والتجميع وبمساعدة العلاقة المادية مع عنصر الذاكرة. لي ذكريات من أماكن لم أزرها من قبل نقلت إلي بواسطة جدتي والأشياء الموجودة في بيتها. تقودني هذه التجربة التحولية إلى سيرورة فنية تتم أمام المواد، إيمانًا بأن التمعن الدقيق بالأشياء سيكشف في النهاية عن الشيفرة التي ستفتح الباب لما كان ويتيح لك فك رموز الأشياء. هناك رغبة بتعاون، يبدو مستحيلاً، بين الحاضر والماضي، بطريقة تكمل القصة وتغيرها في آن واحد".
تعرض شير لوسكي (مواليد هرتسليا، 1988) في المعرض تمثالَي أرجوحة مصنوعين من الحديد والخشب يبدو وكأنهما تجمدا أثناء الحركة، بالإضافة إلى نسخة عن صورة من نهاية الثلاثينيات من ألبوم عائلي يظهر فيها جدها زئيف كروز في صباه. يظهر الصبي من الوراء في وضعية صليب مقلوب. يداه ممتدتان إلى الجانبين، تحافظان على توازنه ربما، أو توشكان على السقوط. يظهر اسم المصور على ظهر الصورة: ك. بريمر، والموقع: شارع بينسكر في تل أبيب، من الأعوام 1937-1940 بالتقدير.
عن المنحوتة التي أنتِجت بعد اكتشاف الصورة تكتب الفنانة: "تستخدَم الأرجوحة للعروض البهلوانية في السيرك. في "الأرجوحة المحلقة"، تتطاير الحبال عندما يكون أحد البهلوانين ملتقطًا والآخر محلقًا . ترمز الأرجوحة إلى الخطر والتعلق بين السماء والأرض. في فضاء الجاليري أرجوحتان معلقتان من السقف كما لو تجمدت حركتهما، لحظة بعد أن تركهما البهلوان المحلق وترِكا ترتطمان ببعضهما البعض".
تبني ياعيل إفراتي (مواليد بيتاح تكفا، 1978) عناصر تنشأ عن صور بسيطة ومباشرة، تشتق وتقَّص منها تفاصيل تمثل مكانًا وزمانًا معينين. تدخل العوامل التي تؤثر على الصورة (الضوء والظل، الزاوية وحدود الإطار) إلى منظومة منحوتة دقيقة. تجسد أعمال إفراتي أحداث ومواقف مكانية ووجهات نظر مختلفة، بينما تتراوح بين وصف لذاكرة خاصة، من بيت الجدة في حيفا غالبًا، وبين وصف كينونة مستمرة للمكان. يشبه العمل المعروض قضبان نافذة: القضبان منحوتة من الطين ومغطاة بمسحوق الجرافيت، وعلى كلا الجانبين آثار أيدٍ وبصمات: صور نيجاتيف لأيدٍ أمسكت وتعلقت بها، كذكرى للجسد. على عكس الصورة، التي تظهر تفاصيلها عادةً بمقياس مختلف عن الأغراض المصورة، تحرص إفراتي في أعمالها النحتية على الحفاظ على مقياس واحد لواحد. تمثال القضبان في المعرض منقطع ومنفصل عن بيئته الطبيعية. يمكنك تأمله كعنصر لمكان يشهد على قيَم ومزاج بيئة ما.